من الرسائل النادرة بين الملك عبد العزيز والشيخ سعد بن عتيق
دأب العالم في حاضره وغابره تسجيل ما هو الأهم في حياة الأفراد والجماعات ومن وضعوا بصماتهم على أديم التاريخ وسجلات الحوادث والملمات وهي الصورة لحياة البشر تبقى لمن ادكر واعتبر.
وحيث أن العلماء في مقدمة من يعتنى بآثارهم وتسجيل سيرهم كان للعالم المتنسك العابد الشيخ سعد بن حمد بن عتيق مآثر لا يجوز إغفالها فلم تزل الألسن تذكر نبله وفضله وإن مضى على موته ثمانون عاما ومن ولادته مائة واثنان وستون سنة ولكن البر يبقى والعمل الصالح يدوم.
ولما كان الشيخ سعد له ارتباط بالقضاء والتعليم بقيت شهرته وشاعت سمعته بأنه القاضي والمعلم والناصح للولاة وله مواقفه في الولاء والبراء وشدته في إنكار المنكر والعمل على تعريف المعروف على مستوى المسؤولين والعامة والخاصة أمضى من عمره خمسة وأربعين عاما في مجال التعليم والقضاء منها خمسة عشر عاما في العهد الرشيدي وثلاثون عاما في العهد السعودي ظل في قضاء الأفلاج بعد عودته من طلب العلم في الهند عام 1304ه.
حتى دانت الأفلاج بالبيعة والولاء للملك عبد العزيز وحينها زار الملك الأفلاج والتقى بالشيخ سعد فقال قولته المشهورة (وجدت درّة في بيت خرب) وقد أوردها الشيخ سليمان بن حمدان : وجدت كيسا.عند ترجمته لشيخه من هنا بدأ الارتباط ا لفعلي بين الشيخ والملك فقد أمره بالنقلة إلى الرياض عام 1329ه ليكون قاضيا في الدماء ومشاجرة الأعراب.
إنها مهمة صعبة ينفرد بها شخص واحد فيحكم بالقتل ويقدر الشجاج
(انظر الوثيقة 1347ه إقرار الملك عبد العزيز والتزامه لصنيتان أبو صفره لدية ولده ثمان مائة ريال. ثلاث مائة حاضرة ويبقى له خمس مائة مؤجلة سنتين. كذلك الوثيقة بتاريخ 1338ه مخلاص المتخاصمين عقاب بن خريص وعماش بن طريس والوثيقة بتاريخ 1340ه جريبيع بن سويلم ودليم بن براك).
باشر الشيخ سعد مهمته بالرياض مهمة التعليم بالجامع الكبير جامع الإمام تركي بن عبد الله والائتمام بالصلوات الخمس فيه فكان دوره في حلق التعليم دور المعلم الناصح والمتثبت إلتف حوله عدد كبير من أهل الرياض وخارجه وكان الشيخ يمنح الإجازات في علم الحديث لطلابه المتفوقين كالشيخ محمد بن عبد اللطيف والشيخ عبد الله العنقري ومع تمكنه من علم الحديث فقد كان حنبلياً يقول بقول الأصحاب ويقتفي أثر علماء الدعوة ممن يتمذهبون بالمذهب الحنبلي وتقرير كتبه.
وليس للشيخ اختيارات أو اجتهادات تخرج عن دائرة المذهب وقد نظم متن زاد المستقنع وأوضح التزامه بما عليه مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل. أما القضاء فكان هو الأبرز ومن أقضياته أنه حصل أن جمع الملك عبد العزيز بين الشبالا من العراق والشبالا من عنيزة وأجرى بينهم صلحا وطلب من الشيخ سعد التصديق عليه فاعتذر وقال له إنكم أمام سلطان وأخشى أنكم غير مقتنعين بالصلح ولذا أعتذر عن التصديق عليه وإن يكن لديكم خصومة وبأمر الإمام فإنني أنظر فيها. كما كان الملك يوكل الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف في إقامة الدعوى على من طلب حق له في الدولة أو من الملك وقف الملك عبد العزيز على قبره وقال: أشهد بالله أن صاحب هذا القبر لا تأخذه في الله لومة لائم. وفي ما لدينا من وثائق مراسلات بين الشيخ والملك ما يدل على قربه من الملك واحتفاء الملك به.
وقد نظم الشيخ سعد قصيدة أربعين بيتاً تهنئة للملك بدخول الأحساء أظهر في هذه القصيدة عظمة هذا الرجل الذي اختاره الله في هذا الزمان لإحياء مآثر السلف وطمس معالم الوثنية كما كانت المكاتبات تأخذ طابع البساطة كقوله : من سعد بن حمد بن عتيق إلى الإمام المكرم الأحشم. وهي وثائق ذات أهمية في تاريخ الرجلين الشيخ سعد بن عتيق والإمام الملك عبد العزيز ولاختصار المقال ولمجرد الإشارة كتبت تحت هذا العنوان الملك عبد العزيز والشيخ سعد بن عتيق غفر الله لهما والسلام.
نقلاً عن جريدة الرياض الجمعة 2 محرم 1428 العدد 14445